ترجمة مختصرة عن الحبيب جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن عمر بن عبدالرحمن العطاس

نسبه وميلاده:

هو الحبيب جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن عمر بن عبدالرحمن العطاس. ولد بمدينة حريضة 1142هـ.

كان رحمه الله علاّمة ومرشد كبير وزعيم ديني جليل، له أثره العلمي والديني والاجتماعي، وامتاز بذكائه الفطري وسرعة الذاكرة.

مشايخه وتربيته:

تلقى رحمه الله علومه على شيوخ عصره في حريضة وفي مقدمتهم أبيه وعمه أحمد بن علي وغيرهم الكثير من ظاهري أئمة حضرموت شرقاً وغرباً منهم العلامة عمر بن سقاف بن محمد بن عمر السقاف، والسيد عمر بن عبدالرحمن البار مولى جلاجل، والعلامة حسن بن عمر بن عبدالرحمن البار، والعلامة الشيخ محمد بن ياسين باقيس صاحب جلبون بدوعن، والعارف بالله جعفر بن أحمد بن زين الحبشي، أما شيخ فتحه في العلوم الظاهرة والباطنة فهو الحبيب علي بن حسن العطاس صاحب المشهد، حيث لازمه ملازمة تامة، فكان كثيراً ما يطيل الاقامة ببلد المشهد متتلمذاً ومقتدياً بشيخه حتى تأثر به تأثراً بالغاً فكان صورة له في علومه ودينياته وأخلاقه، ومن حينها برز للناس بمشيخته العلمية ورئاسته وزعامته الاجتماعية.

وكان له مع شيخه الحبيب علي بن حسن العطاس أيام تهذيبه ملاحظات ودقائق، وقد أكرمه الله بالذكاء فكان أول من يجيب في درس شيخه حال إلقاء شيخه الأسئلة على مريديه، كما أنه يحرص على السؤال عند متشابهات المسائل، فكان شيخه الحبيب علي بن حسن يطلب منه بأن يأتي بحجرة صغيرة لترويضه بها، فإذا جلس الحبيب علي للدرس ألقى تلك الحجرة إلى مريده الحبيب جعفر ويقول له إذا جاتك شهوة الكلام ضعها في فيك، فيأخذها ويجعلها في فيه لتمنعه من الكلام، فإذا أراده الحبيب علي يقرأ أو يتكلم استعادها منه. وهذا شأن أرباب التربية والتسليك والتهذيب، فلما رأى شيخه الحبيب علي بن حسن العطاس من مريده الحبيب جعفر بن محمد حب معالي الأمور فخاف عليه من العُجب ومن حب التعاظم، فأراد الحبيب علي كسر نفس مريده حتى يصفا تِبره فيعود إلى طلب العلم بنفس منكسرة خاضعة لمولاها خاشعة له، حتى تخرج به هذا الامام الصفوة وصار نوراً مشرقاً وقمراً منيراً تمتد الأعيان بنوره لا سيما أهل القلوب السليمة القابلة للتلقي والترقي.

وقد أحسن الحبيب علي بن حسن تأديبه وأحبه وقدَّمه على أقرانه، كما زوجه ابنته الشريفة سلمى وبذلك تحقق للحبيب جعفر الانتساب إلى الحبيب علي بن حسن من الجهات الثلاثة الدينية والطينية والزوجية، فصار الحبيب جعفر المثل الأعلى لأهل زمانه والمشار إليه من بين معاصريه وأقرانه، حتى أجمعوا على صلاحه وعلو شأنه، وكان رحمه الله ترجمان الحقائق وميزان العلوم والطرائق ومركز التجليات والرقائق وأستاذ كل عارف وذائق حتى لقّبه شيخه الحبيب علي بن حسن العطاس بجعفر الصادق.

مآثره:

وللحبيب جعفر مآثره العظيمة وهي داره بحريضة ومنها غرفته التي يلقى دروسه فيها على طلاب العلوم المعروفة بغرفة الحبيب جعفر، والتي لا تزال معمورة حتى الآن، فقد اتفق الحبايب آل العطاس ببلد حريضة في عمارة اليوم الثاني من عيدي الفطر والأضحى بشيء من أعمال البر واتفق رأيهم على أن يجتمعوا على قراءة السيرة النبوية في بيت أصلحهم، فقالوا بصوت واحد في بيت جعفر بن محمد، فكان الأمر كذلك، وقد أسسوا قراءة مولد شرف الأنام بطوله في اليوم الثاني من كل عيد، وعلى الرغم من طول المدة وتطورات الزمان لم يعدلوا عن قراءة شرف الأنام بغيره ولم يحذفوا شيئاً منه حال القراءة، وقسموا فصوله على ديار آل العطاس كل دار لها فصل معروف يتولى قراءته أعرفهم حتى أن أولاد الحبيب علي بن حسن العطاس صاحب المشهد لهم فصل يأتون لقراءته من المشهد مع بعد المسافة والغالب أن الذي يأتي منهم هو منصب المشهد نفسه.

تلاميذه:

اشتهر الحبيب جعفر بن محمد بكثرة تنقلاته وتردداته في النواحي الدوعنية والعمدية كداعية إلى الله حتى انتفع به وأخذ عنه الكثير من أوائلهم ابنه السيد محمد بن جعفر، والعلامة الشيخ عبدالله بن أحمد بن فارس باقيس، والعلامة الشيخ عبدالله بن أحمد باسودان، والعلامة الشيخ عبدالقادر بن عبدالله باسندوة، والعلامة الشيخ حسن بن فارس باقيس وغيرهم الكثير.

وكان رحمه الله له ديوان شعر مشهور ويدور على الألسنة، قال عنه العلامة الحبيب أبوبكر بن عبدالله العطاس أنه غزالي الشعراء. وله رحمه الله قصيدة قالها يمدح فيها شيخه الحبيب علي بن حسن العطاس ويحث فيها على حضور زيارته السنوية التي تقام في شهر ربيع أول من كل عام، قال في مطلعها:

 أهــــلاً وسهـــلاً بــكـــم يـاأيــها الــــزوار

      طبتـم وطـابت مساعيـكم إلى الغَيــوار

بـشـراكـموا بالمسـرة وانـقضـا الأوطــار   

      لا خيّــب الله من جـــا زائـــر المحضـــار

عمــر إمــــام الأئـمـة ساسنــا والـــراس 

      القـدوة المعتقـد بـحر الـنـدى العطـاس

وابنه حسين الغضنـفـر فـارس المبتـاس 

       وعامــر المنـــزل المحفــوف بـالأنــــوار

ولد حسن ذي سكن في ساحة المشهد   

       والقـا لمـن بايـزوه في السنـة مـوعــد 

ثـاني عشـر في ربيــع أول بــدا المشهد

      طـوبى لمـن بالـزيـارة من بــلاده ســـار

لاسيمـــا إن صلـحت النـيــة له البشـرى   

      ينـال ماشـاه في الدنيــا كــذا الأخـــرى

أولاده:

للحبيب جعفر بن محمد العطاس أربعة أبناء وبنت أشقَّاء وهم: محمد وعلي وعبدالله وحسين وأختهم فاطمة، وكلهم قادة ومثالاً للعلم والحلم والعبادة.

      من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم          مثل النجوم التي يسري بها الساري

أما والدتهم فهي الشريفة سلمى بنت الحبيب علي بن حسن العطاس صاحب المشهد.

وفاته:

توفي ودفن رحمه الله ببلد صبيخ من دوعن الأيسر، حيث فاجأه المرض وما زال به حتى فاضت روحه إلى بارئها ليلة السبت منتصف الليل في 14 شعبان عام 1208هـ ودفن بجوار مسجده. رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه أعلى فراديس الجنان.

المصدر: كتاب (تاج الأعراس) للحبيب علي بن حسين العطاس- وكتاب (جواهر الأنفاس) للشيخ عبدالله بن أحمد باسودان.

تنويه: تقديراً لجهود ابنائكم نرجو التفضل في حالة النقل أو الاقتباس الإشارة إلى المصدر “موقع الساعي نت”